الدكتور محمد صبحي أبو صقر. ممثل حركة حماس فى موريتانيا يكتب عن الهدنة الانسانية فى غزة

ما أعلنه بنيامين نتنياهو من هدنة إنسانية من طرف واحد هو خطوة سياسية وعسكرية محسوبة بدقة، تخدم عدة أهداف استراتيجية وتكشف في الوقت نفسه عن حجم المأزق الذي يعيشه الكيان الصهيوني على أكثر من صعيد. إليك تحليلاً سياسياً شاملاً لهذه الخطوة:
أولاً: الهدف الظاهري – إنساني
نتنياهو أعلن هذه الخطوة على أنها "مبادرة إنسانية" لتسهيل إدخال المساعدات إلى قطاع غزة. وهذا الخطاب يخاطب المجتمع الدولي والمنظمات الأممية، خصوصاً في ظل التقارير المتزايدة عن المجاعة والانهيار الصحي في غزة.
➡️ لكن الحقيقة أن هذه الهدنة لا تعني توقف القتال في العمق، بل تتعلق فقط بممرات إنسانية محددة في وقت محدد، وهي لا تُلزم المقاومة ولا توقف العمليات العسكرية الصهيونية بالكامل.
ثانياً: دوافع سياسية داخلية
1. تهدئة الضغوط الشعبية والسياسية داخل إسرائيل:
هناك غضب داخل المجتمع الإسرائيلي من استمرار الحرب وعدم تحقيق أهدافها المعلنة (القضاء على حماس + استعادة الأسرى).
تصاعد الاحتجاجات الأسبوعية ضد الحكومة في تل أبيب والقدس.
صراع داخلي مع قادة الجيش والشاباك حول "استراتيجية الخروج" من غزة.
2. محاولة لامتصاص الغضب الدولي:
الولايات المتحدة وأوروبا تتعرض لضغط شعبي شديد بسبب المجازر، وهناك تهديدات جدية بتجميد بعض المساعدات أو الدعم السياسي.
هذه الهدنة تُستخدم كورقة لإقناع الحلفاء بأن إسرائيل لا تعرقل المساعدات، وأنها "تحترم القانون الدولي".
ثالثاً: الرسائل العسكرية – محاولة استدراك
الجيش الصهيوني في حالة إنهاك، وهناك فشل واضح في السيطرة على غزة رغم 9 أشهر من القصف والدمار.
الهدف من "الهدنة المؤقتة" قد يكون:
إعادة تموضع القوات.
جس نبض المقاومة ورصد تحركاتها.
إراحة الجنود وإعادة الإمداد.
رابعاً: رهان على تفكيك المقاومة من الداخل
نتنياهو يأمل أن تؤدي هذه المبادرات الشكلية إلى:
إحداث شرخ بين المقاومة والمدنيين عبر تصوير المقاومة على أنها تعرقل المساعدات.
تشجيع حالات التمرد أو الانشقاق داخل غزة في ظل الضغوط الإنسانية.
لكن هذه الرهانات ثبت فشلها في السابق، حيث أن المجتمع الغزي ما زال متماسكًا رغم الكارثة، والوعي السياسي تجاوز محاولات الخداع.
خامساً: تأثيرها على ملف التبادل
الهدنة من طرف واحد قد تُستخدم كورقة ضغط تفاوضية لإظهار أن إسرائيل مرنة، وأن حماس هي من تعرقل صفقة التبادل.
لكنه في الوقت نفسه يعترف ضمناً بفشل العمليات العسكرية في تحقيق إنجازات ميدانية أو تحرير الأسرى.
سادساً: الخلاصة السياسية
هدنة نتنياهو من طرف واحد هي:
ليست دليلاً على القوة، بل على المأزق.
محاولة التفاف على الضغوط الدولية والداخلية.
ورقة سياسية أكثر منها خطوة ميدانية حقيقية.
وتؤكد أن الحرب دخلت مرحلة الاستنزاف المتبادل، وأن الكيان يبحث عن "مخرج مشرّف"، ولو من خلال خطوات شكلية.
محمد صبحي أبو صقر