تغييرات وشيكة للأمناء العامين: صراع الأجنحة يهدد استقرار وانسيابية العمل الحكومي

تشير المعطيات المتداولة في الكواليس السياسية والإدارية إلى أن التعديل الوزاري الأخير لن يكون المحطة النهائية في مسار إعادة ترتيب البيت الحكومي، إذ يُتوقع أن تمتد رياحه قريباً إلى مستوى الأمناء العامين للوزارات، باعتبارهم حلقة أساسية في تسيير الشأن التنفيذي وضمان استمرارية العمل الإداري.

ويؤكد مراقبون أن وزارات مثل الاقتصاد والمالية، بعد انفصالهما إلى حقيبتين مستقلتين، ستواجه ضرورة حسم هوية الأمناء العامين الجدد، إما عبر تعيين وجوه جديدة أو تثبيت بعض الوجوه القديمة في موقع واحد. ويشير هؤلاء إلى أن بعض الوزارات الأخرى تحتاج إلى دماء جديدة لإضفاء ديناميكية في أدائها وتعزيز التنسيق بين الوزير والأمين العام. ويضيف هؤلاء أن أحد الدوافع المحتملة للتغييرات هو انحدار بعض الوزراء والأمناء العامين من نفس المنطقة، مثل وزارات الإسكان والبيطرة والشؤون الإسلامية والتربية والتعليم، وهو ما يفتح الباب للتساؤل حول ما إذا كان هذا المظهر يعكس أيضاً صراعاً سياسياً داخلياً، حيث يسعى بعض الأجنحة لاستغلال أي تغيير لإقصاء خصومهم وإحراجهم داخل الجهاز التنفيذي.

خلف هذا المشهد الإداري، يبرز هاجس سياسي كبير يتعلق  بالتجاذب القائم بين الأجنحة النافذة في النظام الحاكم   ما يجعل  أي تغيير إداري متوقعا او واقعيا   أداة لتصفية الحسابات أو إحراج الخصم من خلال التعيينات وتوزيع النفوذ داخل الجهاز التنفيذي.

ويحذر المراقبون من أن استمرار منطق "المناكفات الداخلية" قد ينعكس سلباً على استقرار العمل الحكومي، حيث سيتم  اإفراغ لتغييرات من بعدها الإصلاحي لتصبح مجرد أوراق في لعبة الصراع السياسي. وفي المقابل، فإن إدارة التعيينات بروح توافقية ومتوازنة قد تعيد الثقة في الجهاز الإداري وتمنح الحكومة فرصة أكبر للتركيز على التحديات التنموية التي ينتظرها الشارع.

في كل الأحوال، تبقى الأنظارمتجهة  نحو ما ستكشف عنه الأيام القادمة من قرارات، وسط قناعة راسخة بأن تغييرات الأمناء العامين لم تعد خياراً بل ضرورة، والسؤال المطروح: هل ستتم إدارتها كخطوة إصلاحية لتعزيز الأداء، أم ستنزلق لتكون انعكاساً مباشراً لصراع الأجنحة داخل السلطة؟