لم يكن التعديل الجزئي الذي أعلن عنه في حكومة الوزير الأول المختار ولد أجاي حدثًا عابرًا. فالتغييرات التي طالت 11 حقيبة وزارية تكشف عن محاولة لإعادة ترتيب الأوراق داخل السلطة التنفيذية، لكنها تثير في الوقت ذاته أسئلة جوهرية: هل نحن أمام رغبة حقيقية في الإصلاح، أم أمام إعادة توزيع تقليدي للمقاعد؟ خروج وزير الشؤون الإسلامية تحت ضغط شبهات فساد بدا وكأنه رسالة موجهة للرأي العام بأن محاربة الفساد خقيقة أما وزير الصحة، الذي غادر بصمت، فقد حملت مغادرته إيحاءً بعدم الرضا عن أدائه في قطاع ظل يئن تحت أزمات متكررة. وفي الزراعة والتنمية الحيوانية، بدا أن السلطة تعلن أن "الفشل لا يُكافأ". لكن، هل تغيير الأشخاص يكفي لتغيير السياسات؟ في المقابل، حمل دخول وجوه جديدة رسائل متعددة.
- عبد الله سليمان الشيخ سيديا على رأس وزارة الاقتصاد والتنمية، اختيار يُوصف بالموفّق، لما يجمعه من خبرة وكفاءة وعلاقات واسعة قد تمنحه قوة دفع لسياسات مالية وتنموية طموحة
- . أما كوديورو موسي انكينور في المالية، فاختياره يمثل تعزيزًا لتمثيل الزنوج في موقع سيادي حساس، ما يضفي رمزية سياسية واضحة
- اماما . محمد محمود اعلي محمود فهو أحد كوادر وزارة الصحة قُدم كوجه شاب رمزًا للتجديد، غير أن السؤال يظل: هل يمتلك الأدوات لإحداث التغيير؟ في حين يعيد دخول مريم بيجل إلى الحكومة الجدل حول توريث السياسة وإعادة تدوير العائلات النافذة،
حيث استعادت الناه منت مكناس وزارة الإسكان مع مايوحي به ذلك من تجسّد انفتاح النظام على بيوت سياسية قديمة لتوسيع واجهته الحزبية.
التوازنات الاجتماعية لم تغب عن حسابات التعديل. فقد مُنح لحراطين أربع وزارات ونصف بينها حقيبتان سياديتان، ما يوحي بمحاولة لامتصاص الاحتقان الاجتماعي. وإسناد المالية إلى قيادي زنجي يندرج في سياق "الموازنة الدقيقة" بين المكونات. غير أن السؤال يبقى: هل هي ترضيات ظرفية أم بداية لشراكة حقيقية في السلطة؟ أما الرسائل السياسية، فبدت واضحة: إدماج حزب بنت مكناس والإبقاء على حزب ولد أمين لتوسيع واجهة الأغلبية، بينما ظلت المعارضة والتكنوقراط خارج اللعبة. وكأن النظام يريد تعددية شكلية لكن من داخل بيت الطاعة.
إذا كان الهدف هو الإصلاح الفعلي، فإن التحدي أمام الوزراء الجدد سيكون في إثبات قدرتهم على تقديم حلول ملموسة لقطاعات تعاني منذ عقود. أما إذا كان الأمر مجرد إعادة تدوير للنخب مع بعض الوجوه الجديدة للزينة، فلن يتجاوز التعديل كونه استراحة سياسية قصيرة قبل أن تعود الأزمة في ثوبها القديم.
ويبقى الرأي العام متابعًا بدقة، ينتظر انطلاقة حوار سياسي شامل يتيح مناقشة القضايا الجوهرية للبلاد بعيدًا عن الحسابات الضيقة. فالتعديل الشكلي لا يكفي لإقناع المواطن بأن الدولة عازمة على الإصلاح؛ بل يحتاج الأمر إلى خطوات عملية وشفافة تعيد الثقة بين السلطة والمجتمع. في النهاية، يظل السؤال مفتوحًا: هل نحن أمام لعبة كراسي لا تغيّر سوى الأسماء، أم بداية مسار جديد؟