المصطفى محمدو محمد الحبيب… سفير الأخلاق الذي رحل في صمت

في صمت يليق بالكبار، وبرحيلٍ مفعم بالسكينة، غيّب الموت المصطفى محمدو حبيب، بعد عمرٍ حافل بالبذل والعطاء، تاركاً خلفه سيلاً من الذكر الحسن والثناء الجميل.

منذ نعومة أظافره و في محظرة محفوظ المنجي،رحمه الله  عُرف المصطفى بدماثة الخلق ولين الجانب، فاجتمع له جمال الخط، وحُسن الحفظ، وحب القرآن الكريم الذي حفظه مبكراً، ليصبح بعد ذلك مرآةً لأخلاقه؛ متخلِّقاً بآدابه، مُجسِّداً لفضائله، متشبِّعاً بصفات الحلم، والصدق، والوفاء، والتواضع.

وما إن دخل مجال العمل، حتى غدا سفيراً للمكارم، لا يعرف إلا اللين والبشاشة وحسن المعشر. كان مضيافاً أريباً، أديباً لا يملّ جليسه، وصاحب أثر مشهود في كل مكان حلّ فيه، من أغشوركيت إلى "تاجوكل"الى  الحوض الغربي، حيث سارت مسيرته المهنية شاهدة على فضله وخلقه.

ولم يكن رحيله حدثاً عادياً؛ فقد تحوّل مجلس التعزية إلى مجلس تأبينٍ وحافز، حيث تداعت الوفود من مختلف الجهات والفئات، مشيدة بأخلاق الراحل وعطائه ونبله، في صورةٍ كان لها أجمل الأثر على أسرته الضيقة والكبيرة معاً، فخففت عنهم ألم الفقد، وأكدت أن المصطفى عاش في قلوب الناس قبل أن يرحل عنهم.

رحل المصطفى وقد ترك وراءه والدة   محتسبة  كان بها برا  وإخوةً صابرين محتسبين، ومجتمعاً يئن لفقدان رجلٍ عاش للناس أكثر مما عاش لنفسه. كان برّه بوالدته مثالاً يُحتذى، وحرصه على نفع المسلمين شنشنةً عُرفت في بيته؛ فهو ابن المرحوم محمدو محمد حبيب، طبيب المجتمع ورائد فضائله، الذي أورث أبناءه حب الخير وخدمة الناس.

لقد عاش المصطفى عمره وكأنّه يستشعر قِصره، فملأه بالعمل الصالح، وسعى فيه ليل نهار. واليوم، تودعه مدينة أغشوركيت بصبر واحتساب، مودِّعةً رائداً من روّاد القيم، وسفيراً للأخلاق، ورمزاً من رموز البر والإحسان.

رحم الله المصطفى محمدو حبيب، وجعل مقامه في عليين، وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان.

إن العين لتدمع وإن القلب ليخشع وإنا فى أغشوركيت على فراق المصطفى  لمحزونون