*إعفاء حمادة لحبوس: بداية مرتبكة لحوار وطني مأمول"

في خطوة مفاجئة، أقال مجلس الوزراء اليوم حمادة لحبوس، أحد الوجوه المقربة من الزعيم السياسي البارز بيرام الداه اعبيد، ما فتح الباب واسعًا أمام جملة من التساؤلات حول مغزى القرار وتوقيته، ومدى انعكاسه على العلاقة بين النظام الحالي وزعيم حركة "إيرا"، خاصة في ظل التحضيرات الجارية للحوار الوطني المرتقب.

 لحظة اختبار للعلاقة بين النظام وبيرام

لم يكن لحبوس مجرد مسؤول إداري؛ بل يُعد من الحلقة الضيقة المحيطة بالزعيم بيرام، المعروف بخطابه الحاد أحيانًا، وبمواقفه المناهضة للإقصاء السياسي والاجتماعي. لذلك، فإن إقالته، بصرف النظر عن المبررات الإدارية أو الرسمية التي قد تُساق لتفسير القرار، تحمل في طياتها دلالات سياسية لا يمكن إغفالها.

فهل نحن أمام بداية فتور في العلاقة بين الطرفين؟ أم أن القرار يندرج في سياق إعادة ترتيب داخلي لا يحمل في جوهره أبعادًا سياسية مباشرة؟ التساؤل يبقى مشروعًا، خصوصًا وأن اللحظة السياسية الراهنة تتسم بكثير من التعقيد والتوجس.

 الحوار الوطني على المحك؟

الحوار الوطني المزمع تنظيمه يُفترض أن يكون شاملاً، لا يقصي طرفًا ولا يتهرب من أي موضوع مهما بلغت حساسيته. وقد تم الترويج له على أنه لحظة توافق وطني تُمهد لمرحلة جديدة من الانفتاح السياسي والاجتماعي.

لكن إعفاء شخصية محسوبة على أحد أبرز رموز المعارضة — دون تفسير واضح أو إشارات لاعتبارات التوافق — قد يُفهم في أوساط عديدة كرسالة سلبية، أو حتى كخطوة استباقية لإعادة رسم خريطة المشاركين في الحوار بطريقة انتقائية. وهو ما قد ينسف الثقة في المسار برمته، ويعيد للأذهان تجارب حوارية سابقة وُصمت بالإقصاء وافتقاد التوازن.

 ماذا عن موقف بيرام؟

حتى الآن، لم يصدر رد رسمي من الزعيم بيرام، لكن من المرجح ألا يمر القرار دون موقف أو تعليق. فبيرام، المعروف بردوده السريعة وقراءته الرمزية للأحداث، قد يعتبر إعفاء لحبوس إشارةً غير ودية، وربما يتخذ منها منطلقًا للتشكيك في جدية النظام بشأن الحوار.

ومع ذلك، فإن رد فعله سيعتمد على قراءة المشهد العام: هل يعتبرها خطوة معزولة، أم بداية لموجة تضييق جديدة؟ وهل سيكتفي بالتعبير عن الامتعاض، أم يذهب إلى التصعيد والمقاطعة؟

ما حدث اليوم قد يكون مجرد تعديل إداري، وقد يكون أيضًا مؤشرا لتحول أعمق في العلاقة بين النظام والمعارضة الجذرية. غير أن التوقيت والسياق يفرضان قراءة حذرة وتحليلاً معمقًا. ففي مناخ سياسي هش، لا مجال للقرارات "البريئة"، ولا يمكن التقليل من رمزية أي حركة، خاصة حين تتعلق برموز قريبة من قادة الرأي والمعارضة.

إذا كان الحوار الوطني حقًا محطة جامعة، فعلى القائمين عليه أن يدركوا أن الثقة تُبنى بالفعل لا بالخطاب، وبالشراكة لا بالإقصاء.