العد التنازلي لاختيار رئيس جديد لبنك التنمية الإفريقي: خمسة مرشحين ومصوتون "صانعو الملوك"

تتجه الأنظار هذا الأسبوع نحو مدينة أبيدجان، عاصمة ساحل العاج الاقتصادية، حيث تُعقد في 29 مايو 2025 انتخابات مفصلية لاختيار رئيس جديد لـبنك التنمية الإفريقي (BAD)، خلفًا للنيجيري أكينومي أديسينا، الذي شغل المنصب منذ عام 2015، وقاد المؤسسة نحو توسع كبير في تمويل مشاريع التنمية في القارة.

سباق رئاسي بخمسة مرشحين

يتنافس على هذا المنصب الحساس خمسة مرشحين يمثلون مختلف أقاليم القارة الإفريقية، وهم:

  1. أمادو هوت (السنغال): وزير استثمار سابق وخبير اقتصادي، معروف بعلاقاته الدولية القوية ورؤيته حول تحفيز القطاع الخاص.
  2. سوازي باجابوليل تشابالالا (جنوب إفريقيا): نائبة رئيس البنك الحالية، وتعد من أبرز الوجوه المرشحة، بفضل خبرتها الإدارية الطويلة داخل المؤسسة.
  3. سيدي ولد التاه (موريتانيا): مدير عام المنظمة العربية للتنمية الزراعية، صاحب مسار طويل في الشراكات الإقليمية.
  4. صامويل مونزيلي مايمبو (زامبيا): خبير مالي مخضرم، شغل مناصب رفيعة بالبنك الدولي، ويركز برنامجه على تعزيز الشفافية والحوكمة.
  5. محمد عباس تولي (تشاد): مصرفي متخصص في قضايا التنمية، يركز في حملته على دعم الدول الأقل نموًا في القارة.

آلية التصويت وصنّاع القرار

تُجرى الانتخابات في جلسة مغلقة، يشارك فيها مندوبو 81 دولة مساهمة في البنك، منها 54 دولة إفريقية و27 دولة غير إفريقية. لكن نظام التصويت لا يقوم على مبدأ "صوت واحد لكل دولة"، بل يُحتسب بحسب نسبة مساهمة الدولة في رأس مال البنك، ما يعطي وزناً أكبر للدول ذات الحصص الكبرى.

هذا النظام يمنح بعض الدول الإفريقية الكبرى مثل نيجيريا، مصر، جنوب إفريقيا، الجزائر، والمغرب تأثيرًا مضاعفًا، ما يجعلها تُوصف بـ"صانعي الملوك". كما تُعد الولايات المتحدة واليابان من أكبر المساهمين من خارج القارة، حيث تمتلكان معًا أكثر من 10% من الأصوات، ما يمنحهما قدرة كبيرة على ترجيح كفة أحد المرشحين.

فرص المرشحين والدعم المتوقع

رغم تشابه برامج المرشحين في التركيز على تمويل البنى التحتية ومواجهة التغير المناخي، إلا أن فرص النجاح تتفاوت بناءً على توازنات القوى والدعم السياسي:

  • سوازي تشابالالا (جنوب إفريقيا): تُعد الأوفر حظًا، بفضل منصبها الحالي وخبرتها الداخلية في البنك، وتحظى بدعم قوي من بلادها ودول الجنوب الإفريقي، مع إمكانية حصولها على تأييد غربي، خاصة من الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي.
  • أمادو هوت (السنغال): يملك فرصًا قوية، مدعومًا من دول غرب إفريقيا (ECOWAS)، ويتمتع بقبول لدى شركاء تقليديين مثل فرنسا وبعض الدول الأوروبية، ما يمنحه قاعدة دعم وازنة.
  • سيدي ولد التاه (موريتانيا): فرصه متوسطة، وقد يستفيد من دعم دول المغرب العربي ودول الساحل، إلا أن غياب دعم مباشر من المساهمين الكبار قد يقلل من فرص وصوله للجولات النهائية.
  • صامويل مايمبو (زامبيا): رغم كفاءته، يواجه تحدي غياب التحالفات الإقليمية الكبرى، ما يجعل حظوظه أقل في المنافسة مع مرشحين تملك دولهم ثقلًا ماليًا وسياسيًا داخل البنك.
  • محمد عباس تولي (تشاد): يُعد المرشح الأضعف حظًا، نظرًا لغياب الدعم السياسي والإقليمي الواضح، وقد يكون ترشحه رمزيًا أو استراتيجيًا لإبراز قضايا دول الساحل الأقل تمثيلًا.

التحديات أمام الرئيس المقبل

تأتي هذه الانتخابات في ظل تحديات مالية وجيوسياسية كبيرة. فقد أعلنت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب نيتها سحب مساهمات سنوية بقيمة 555 مليون دولار من تمويل البنك، وهو ما قد يؤدي إلى فجوة تمويلية خطيرة بحلول عام 2026 في حال تنفيذ القرار.

كما يتوجب على الرئيس الجديد مواجهة آثار التغير المناخي، وتراجع الاستثمارات الدولية في القارة، وتزايد الحاجة إلى تمويل البنى التحتية والطاقة والتعليم، بالإضافة إلى ضرورة الحفاظ على ثقة الشركاء الدوليين وتحقيق التوازن بين مصالح الدول الإفريقية والمساهمين غير الإقليميين.

بنك التنمية الإفريقي: نبذة

تأسس البنك في عام 1964، ويقع مقره الرئيسي في أبيدجان. ويُعد أحد أبرز مؤسسات التمويل متعددة الأطراف في إفريقيا، ويعمل على تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال تقديم القروض والمنح، وتمويل المشاريع الكبرى في مجالات البنية التحتية، الطاقة، الزراعة، والتعليم.

الانتخابات في ميزان التأثير

من المتوقع أن تُحدد نتائج هذه الانتخابات ملامح المرحلة المقبلة من عمل البنك، وسط تنافس دولي متصاعد على النفوذ في إفريقيا. فبينما تسعى قوى غربية للحفاظ على دورها في تمويل التنمية، تتحرك قوى جديدة مثل الصين وتركيا ودول الخليج لزيادة استثماراتها وموقعها داخل المؤسسات الإفريقية.