في دفاعه أمام محكمة، الاستئناف قدّم السيد محمد عبد الله ول أداعه مرافعة قوية مدعومة بالحقائق والوثائق، داحضًا مزاعم الادعاء العام ومحامي الطرف المدني.
خلال استجوابه، أبرز نقاطًا جوهرية غابت عن خصومه أو تم تجاهلها عمدًا.
سلطة مجلس الإدارة
أوضح ولد أداعه أن مجلس إدارة "اسنيم"، الذي اتخذ القرارات محل النقاش، يتمتع بسلطة عليا تفوق صلاحيات المدير العام، ويتألف نصفه من مستثمرين عرب من دول أجنبية. وأشار إلى أن هذا المجلس صادق على القرارات موضع المساءلة، ومع ذلك لم يُتهم أو يُساءل، بينما تُوجّه التهم إليه كمنفذ لقرارات المجلس.
ضمانات قرض شركة النجاح البالغ 15 مليار أوقية
فيما يتعلق بقرض شركة النجاح البالغ 15 مليار أوقية، أكد ولد أداعه أن "اسنيم" اتخذت جميع الإجراءات اللازمة لحماية مصالحها حيث حصلت على ضمانة رسمية من وزارة الاقتصاد الموريتانية، بالإضافة إلى رهن عقاري لقطعة أرضية ذات قيمة معتبرة، تم تقييمها من قبل مكتب خبرة متخصص معتمد من "اسنيم". وأوضح أن هذه الضمانات كانت كافية لضمان استرجاع المستحقات، مما ينفي أي مزاعم بوجود خسائر محتملة على الشركة.وأضاف أن القرض البالغ 15 مليار أوقية، اصيح مبلغه الإجمالي 17,3 مليار أوقية، بعد إضافة ربحات اسنيم ما يعكس الجدوى الاقتصادية لهذا القرض.
كما أشار إلى أن الفوائد التي تدفعها الدولة للشركة عادة تبلغ 3.5%، في حين أن الفائدة التي قدمتها شركة النجاح لـ"اسنيم" كانت 8%، مما يعكس مردودية هذا القرض على الشركة ويبين أسسه الاقتصادية المدروسة.
وأضاف أن مجلس إدارة "اسنيم" هو الجهة التي صادقت رسميًا على هذا القرض وأمرت بتنفيذه، مما يؤكد أن القرار لم يكن فرديًا، بل تم في إطار توجيهات صادرة عن أعلى سلطة إدارية في الشركة. وبالتالي، فإن تحميل المسؤولية للمدير العام وحده، دون مساءلة المجلس الذي اتخذ القرار، يثير تساؤلات حول انتقائية التحقيق في هذا الملف.
اكتتاب ولد امصبوع وتحمل مصاريف دراسة ابنه ؟
ردًا على الادعاء بأن توظيف ولد امصبوع وتمويل دراسته مخالف للقوانين وان المدير التجاري قدم استقالته رفضا لهذا الاكتتاب ، قدم ولد أداعه ردودًا محكمة:
• حيث أكد ان استقالة المدير التجاري، التي اعتُبرت دليلًا على عدم قانونية التوظيف، حدثت في يوليو 2013، أي أكثر من عام قبل اكتتاب ولد امصبوع في 27 أكتوبر 2014، مما ينسف هذا الادعاء تمامًا.
• وان الشركة قامت باكتتاب 782 عاملاً فى نفس السنة، مما يدل على أن الاكتتاب لم يكن استثناءً.
•وأضاف أن انتقال ولد امصبوع إلى مكتب باريس لم يكن تعيينًا جديدًا، بل مجرد نقل لعمله من مكان لآخر دون ترقية أو تعيين جديد.
• ونبه إلى أن شركة اسنيم ترصد سنويا ميزانية قدرها 50 مليون أوقية لدعم التعليم، والاداري المديرالعام له واسع النظر والتقدير قانونيًا بتسييرها وتوجيهها.
صفقة العلف ومسؤولية الدولة
عند سؤاله عن صفقة العلف، أوضح ولد أداعه أن الصفقة وقّعها وزير المالية ومفوضية الأمن الغذائي، ومع ذلك لم يتم استدعاؤهما أو مساءلتهما، رغم أنهما المسؤولان المباشران عن الملف. وأضاف أن سياسات الدولة لدعم بعض المواد لا تُقاس بمنطق الربح والخسارة، بل هي جزء من التوجه الحكومي لدعم المواطنين عند الحاجة.
الردود على الأسئلة الجدلية
مع احتدام الجلسة، بدت علامات التوتر على محامي الطرف المدني، حيث طرحوا أسئلة اعتبرها البعض سطحية، مثل التساؤل عما إذا كان مجلس إدارة "اسنيم" مؤسسة حقيقية أم مجرد غطاء لتبرير قرارات الإدارة. ورد ولد أداعه مستغربًا من صدور مثل هذه الأسئلة عن أشخاص بهذا المستوى القانوني.
في محاولة أخرى للطعن في مسيرته المهنية، سأله أحد المحامين إن كان قد وُجهت إليه أي تهمة بالتقصير طوال عمله، فكان رده قاطعًا: "على العكس، لقد كنت محل تقدير من رؤسائي". وأضاف أنه خلال عشر سنوات من عمله في "اسنيم" كمهندس دولة، لم يتعرض لأي مساءلة، بل إن مجلس إدارة "اسنيم" هنأه عدة مرات تقديرًا لجهوده إبان إدارته لها. وعندما قرر الاستقالة عام 2001، قوبلت استقالته بالرفض من الإدارة، لكنه أصر عليها. غير أن مدير "اسنيم" آنذاك طلب منه إتاحة فرصة الحديث مع مديره الجديد ليعبر عن احترامه ومهنيته وخبرته وتقديره له.
الثبات والثقة رغم الضغوط
في ختام هذه الجلسة، اتضح أن السيد محمد عبد الله ولد أداعه قدّم دفاعًا متماسكًا ومدعومًا بالأدلة، مسلطًا الضوء على جوانب مهمة في عملية اتخاذ القرارات داخل "اسنيم" ومسؤوليات مجلس الإدارة.
ورغم محاولات الادعاء ومحامي الدولة توجيه التهم إليه، ظل ولد أداعه صلبًا في موقفه، مفندًا الادعاءات واحدة تلو الأخرى، وكاشفًا عن تناقضات في المساءلة القانونية.
أظهر استجوابه أن القضية ليست مجرد محاكمة فنية وقانونية ،فحسب بل هي تحمل أبعادًا سياسية وإدارية أوسع حول كيفية اتخاذ القرارات، ومن المسؤول الفعلي عنها، ولماذا يُتهم ويُساءل مسؤول عن فعل مسؤول آخر ، وأي عدالة انتقائية حتى لا أقول انتقامية هذه؟