فرضت سرعة تدخل السلطات العليا للبلد بشأن ما تم تداوله على نطاق واسع بخصوص خروقات قوية شابت مسابقة الاكتتاب التي أعلن عنها ونظمها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في الفترة ما بين 30 مايو و07 أغشت 2024، تصدر هذه القضية لمسرح الأحداث خلال الأسبوع الجاري.
التدخل الناجز لتلك السلطات انتهى إلى إعلان الإدارة العامة لتلك المؤسسة بتاريخ 19 أغسطس عن إلغاء نتائج المسابقة ووعدت في بلاغ صادر بالإعلان لاحقا عن تاريخ وظروف إعادتها.
التفاعل مع هذا الموضوع كان كبيرا للغاية والعديد من أفراد المجموعة القانونية بادروا للتعليق على الحدث من منظورهم الخاص، حيث إن المعلومات الضرورية لتفاعل علمي مع ما تم بالفعل لما تتح بعد.
رغم ذلك الشح يمكن تقديم الملاحظات التالية:
1-أن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مؤسسة عمومية ذات طابع إداري بنص المادة الرابعة من القانون رقم 67/039 الصادر بتاريخ 3فبراير 1967 المنشئ لنظام ضمان اجتماعي والمعدل بالقانون 72/145 الصادر بتاريخ 18 يوليو 1972 والأمر القانوني 87/296 الصادر بتاريخ 24 نوفمبر 1987، وليس مؤسسة ذات طابع صناعي وتجاري كما هو منشور على واجهة الموقع الإلكتروني للصندوق:
وبحكم كون الصندوق يدخل ضمن فئات المؤسسة العمومية ذات الطابع الإداري، فإن الاختصاص في تنظيم الاكتتاب فيه يعود للجنة الوطنية للمسابقات؛ بنص المادة الثانية وما بعدها من القانون رقم 93-09 المتضمن للنظام الأساسي للموظفين والوكلاء العقدويين للدولة الصادر بتاريخ 18 يناير 1993، وليس لجهة أخرى الحق في القيام به نيابة عنها، أو مصادرة اختصاصاتها؛
2-إضافة للخرق السابق، يقدم ما تم الحديث عنه من مآخذ قانونية على المسابقة كإقصاء بعض الأشخاص من من تجاوزوا بنجاح الامتحان الكتابي في مرحلة المقابلة، لإفساح المجال لاختيار آخرين على أساس استغلال النفوذ والمحسوبية، الأساس القانوني لتدخل المفتشية العامة للدولة في التحقيق وفق مقتضيات المادة 7 من المرسوم رقم 018-2022 الصادر 10 فبراير 2022 المتضمن تنظيم وسير عمل المفتشية العامة الدولة؛ 3-رغم عدم الوقوف على ما ورد في تقرير المفتشية، تشهد سرعة اكتمال التفتيش وما أعقبه من إلغاء لنتائج المسابقة، وإقالة المدير العام للصندوق للتحقق من وجود أدلة قطعية على صحة ما تم الحديث عنه من خروقات؛
4-اهتمام الوزارة الأولى بالموضوع يفهم سياسيا –دون عناء- فى إطار محاولتها تجسيد شعار المرحلة؛ فلا صوت يعلو على "محاربة الفساد"، و"الشوكة حادة من البداية" ومن مدخل العمل الجاد من أجل تعزيز الشفافية في المسابقات، وفي تسيير الشأن العام.
من الناحية القانونية، الوزارة الأولى مجبرة بحكم كونها الجهة التي تتبع لسلطتها اللجنة الوطنية للمسابقات التي تمت مصادرة اختصاصاتها، وذلك بحسب المادة 56 من القانون رقم 93-09 المتضمن للنظام الأساسي للموظفين والوكلاء العقدويين للدولة الصادر بتاريخ 18 يناير 1993، على السعي لعودة الأمور إلى نصابها؛
5-إلغاء نتائج مسابقة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي المثيرة للجدل، والتي لم تتولد عنها حقوق مكتسبة، حتى تكون الإدارة ملزمة باحترامها، ومراعاة المسطرة القانونية في سحب القرار أو إلغائه.
ذلك أن ما تم اتخاذه ليس إلغاء قرار، وإنما هو قرار إداري جديد بإلغاء المسابقة التي تم تنظيمها من طرف جهة غير مختصة خالطت نتائج أعمالها خروقات كبيرة مست حقوق الكافة، على خلاف الإلغاء المقترن بتنظيم مسابقة يضمن لها تلافي ما وقع سابقا، حيث سيعاود من استحقوا النجاح نجاحهم وعن جدارة، وتتاح الفرصة لمن ظلموا لتأكيد أحقيتهم في طلب الإنصاف، ثم بعد ذلك " لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ".