منذ بداية المأمورية الثانية للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، ومع تكليف الوزير الأول مختار ولد أجاي بتشكيل حكومة جديدة، بدأت الخلافات والتوترات داخل أروقة النظام تظهر بوضوح. هذه الخلافات، التي كانت خفية في البداية، سرعان ما تصاعدت لتصبح محور اهتمام الشارع السياسي والمراقبين، خاصة مع دخول ملف "المرجعية" إلى دائرة الأزمات.
ملف "المرجعية"، الذي استند عليه النظام الحالي لتوجيه اتهامات إلى الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، لم يكن مجرد قضية قانونية أو إدارية، بل تحوّل إلى قضية سياسية بامتياز. العديد من قادة العشرية، سواء من الوزراء أو الشخصيات النافذة في النظام السابق، رأوا في هذا الملف عدم إنصافٍ لهم وللدور الذي لعبوه خلال فترة حكم ولد عبد العزيز. لكن خوفاً من مواجهة مصير قائدهم السابق، فضلوا الصمت وعدم إبداء رأيهم، سواء بالرفض أو القبول.
ومع بداية المأمورية الثانية، بدأت الخلافات تخرج عن نطاق السيطرة. انقسمت أجنحة النظام بشكل واضح، حيث يسعى كل جناح لترسيخ وجوده وحماية مصالحه. حكومة الوزير الأول مختار ولد أجاي، التي تضم في معظمها وجوهًا شابة، وجدت نفسها في مواجهة حكومة أخرى تميزت بشخصيات مسنّة وذات خبرة طويلة، مما أشعل مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض لكلا الطرفين. في ظل هذه الأجواء المشحونة، ظهر على السطح خط ثالث يوجه الانتقادات للطرفين، معتبرًا أن هذه الخلافات لا تخدم استقرار النظام.
من المعروف أن هذه الصراعات تؤطرها وتُوجَّهها سباق جميع الفرقاء لكسب رهان استحقاقات الرئاسيات 2029 وما يسبقها من انتخابات نيابية وبلدية. يحتدم الصراع وتتزاحم الأطراف، وتخترق النظرات الأفق لخلق أرضية صلبة تخدم أجندات كل طرف. في مثل هذه الفترات التي تشهد توديع رئيس واستقبال آخر، تزداد الأطماع السياسية، وتقوى شوكة المعارضة، ويكثر الداعمون من رجال الأعمال ومناضلين وقادة رأي.
في ظل تصاعد التوترات، تبرز عدة سيناريوهات محتملة، منها:
1. **حجب الثقة عن حكومة ولد أجاي**: قد يقدم البرلمان على حجب الثقة عن الحكومة، خاصة إذا لم ينجح ولد أجاي في تقديم برنامجه السياسي بشكل مقنع قبل أقل من شهر من خطاب التكليف.
2. **تعديل وزاري واسع**: قد يؤدي تعديل وزاري واسع إلى خروج وزراء الدفاع والداخلية والعدل، إذا ما مالت الكفة لصالح وزراء جدد، مما قد يعزز من نفوذ الأجنحة الأخرى.
3. **استقالة الوزير الأول مختار ولد أجاي**: في حالة حدوث هذا السيناريو، قد نشهد تحالفًا سياسيًا جديدًا يجمع معارضي النظام الحالي، مما سيضع البلاد أمام مرحلة جديدة من التحديات المستقبلية