ول يحظيه يكتب ..آلْآنَ وقد ذبُلت زهرة الشباب ودنا الأجلُ : مهْلاً ؛ فإن للسابقة حقاًّ

إن الظرف الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم :

" والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته طرفة عين أو أهلك دونه "

غيرُ الظرف الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم : 

" والله لا يدعونني اليوم إلى خُطة يعظمون فيها البلد الحرام إلا أجبتهم إليها"

وغيرُ الظرف الذي قال فيه عليه الصلاة والسلام :

" من دخل دار أبي سفيان فهو آمن "

" ولولا قومُك حديثُوا عهدٍ بالإسلام لهدمت الكعبة ولبنيتها على قواعد إبراهيم "

حين تكون خطةُ اجتثاث الدعوة إلى الله ، موضوعة على دُرَج مكتب الرئيس ، وأجهزةُ الدولة مستنفرة لتجفيف منابع التدين وإغلاق المعاهد والمدارس والجمعيات الإسلامية تكون كلمةُ الحق عند سلطان جائر جهادا وشجاعة ووفاء للمبدإ وزهدا في الجاه والمنصب الدنيوي المُغري

أما حين تنال الدعوة حريتها وتعمل المؤسسات والجمعيات في فضاء الانفتاح والتواصل الهادئ بين الراعي والرعية وبين المنظمات والجهات الوصية وفق القانون والحقوق المدنية ، 

فإن افتعال الشجاعة والتماهي مع حملات التندُّر ومخلفات البداوة بالاستهزاء من كل شيء وتحويل كل شيء إلى مادة سائغة للتنكيت والتبخيس في مجالس العبث والسخرية وإضحاك المتابعين ، فأيُّ شجاعةٍ أو مراعاةِ مبدإٍ في ذلك؟

...

إن للحياة سُننا وقوانين ومن قوانينها أن من لم تخدعه زخارفُ الدنيا وحظوتُها، ومواكبُ السلطة ومناصبها  في إقبال الشباب وريعان الفتوة وفسحة الأجل والأمل ، فلن تخدعه أو تستهويَه بعدما وهَن العظمُ ووخط الشيبُ وقام مُنادي التجربةِ وحادي الليالي والأيام خطيبا في وجدانه يقول له مع كل حركة وسكون : " أعمارُ أمتي ما بين الستين والسبعين "

بل أسمعه من قبلُ منادي الحق جل جلاله { أوَلم نُعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير }

مهلاً أيها الشباب التقي النقي فللسابقة حقُّها وفي الحرية والخُلو من المناصب القيادية فسحةٌ للتعبير عن الرأي الخاص .

والمؤسساتُ تحسم الاختلافَ وتسددُ وتقاربُ 

" وما يُدريك أن الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم "

والعبرةُ فيه عموم مراعاة السابقة لا خصوصُ السبب ؛ فقد كان صدقُ إيمانِ حاطبٍ يومئذ متقررا بوحي مُنزل أدركته به العناية بعد ما أشفى على النفاق.

إن السياسة ميدان فسيح للرأي والرأي الآخر

 والتجاربُ من قبلُ ومن بعدُ مُلهِمة ومُفهِمة أن الحكيم هو من يزن الأمور بالقسطاس المستقيم فلا تُعجلُه ثورة العالم الافتراضي ولا تُخيفه سطوة العالم الواقعي  

{ وكان بين ذلك قواما}

ولا يعني هذا بحال من الأحوال التساهلَ في نصح أولي الأمر او إقرارَهم على الفساد والإهمال لقضايا الوطن والمواطن ، وإنما يعني بالمحصلة أن سلوك الحاكم تجاه (مصالح الدين والدنيا) هو ما يُحدد بمنطق الشرع و الدعوة الإسلامية ، الموقفَ منه معارضة حادةً أوهادئة ، 

أما الموالاةُ العامة في نظم الديمقراطية المعاصرة ، فغير واردٍ أن تصل لها أحزاب عريقة وذات مصداقية تتنافس مع الحزب الحاكم على الحكم والتداول السلمي للسلطة.

والله الموفق.

محمدن ول يحظيه