بلال الدوي
«تشاك شومر» هو عميد أعضاء الكونجرس الأمريكى، عضو فى مجلس النواب الأمريكى منذ (عام ١٩٨١) حتى (عام ١٩٩٩) ثم انتقل إلى مجلس الشيوخ ممثلاً عن ولاية نيويورك حتى الآن، من أكثر مؤيدى إسرائيل فى الكونجرس منذ أربعين عاماً، إضافة إلى أنه يهودى ويدافع عن اليهود وإسرائيل دفاعاً مُستميتاً فى كل المحافل وهذا ما تؤكده كل مواقفه المؤيدة لإسرائيل دائماً وأبداً.
مؤخراً تحدث «تشاك شومر» فى مجلس الشيوخ، وكان حديثه مفاجأة كبيرة وصادمة، وقامت الدنيا ولم تقعد حتى الآن -لا فى «واشنطن» ولا فى «تل أبيب»- من تداعيات هذا الحديث، حيث إنه قال «أطالب بضرورة إجراء انتخابات جديدة فى إسرائيل، وأدعو الإسرائيليين إلى الاستجابة لدعوتى بضرورة التخلى عن حكومة نتنياهو المتطرفة لأنها حكومة لا تعمل لخدمة المصالح الإسرائيلية، بل تعمل لخدمة مصالح فئة مُتطرفة فى المجتمع الإسرائيلى بعد أن حوّل «نتنياهو» إسرائيل إلى دولة مارقة فى نظر جميع دول العالم، وأرى أن «نتنياهو» هو العقبة الرئيسية أمام عملية السلام وخضع لمطالب المتطرفين فى حكومته، وتوسيع المستوطنات يجعل حل الدولتين مستحيلاً، كما أن وزير المالية بتسلئيل سموتيرتش ووزير الأمن إيتمار بن غفير عزّزا التوتر والعنف».
هذه الكلمات بقدر ما هى مفاجئة وصادمة إلا أنها هزت أركان مجلس الشيوخ الأمريكى وزلزلت واشنطن وتل أبيب، ووصل صداها لجميع وسائل الإعلام الأمريكية والإسرائيلية وتعدى ذلك ووصل لأنصار اللوبى الإسرائيلى فى أمريكا وأوروبا لأن (تشاك شومر) كبير الديمقراطيين وزعيم الأغلبية فى مجلس الشيوخ ويُمثل الرأس الكبير لليهود فى الدبلوماسية الأمريكية وحائط الصد ضد أى هجوم ينال من المصالح الإسرائيلية فى الكونجرس الأمريكى.
بعد تصريحات «تشاك شومر» هناك أسئلة كثيرة تتردد فى أذهاننا الآن ومنها: ماذا تبقى من مؤيدى نتنياهو فى واشنطن؟، مَن الذى لم يتخل عن «نتنياهو» حتى الآن؟، هل سقطت أسطورة «نتنياهو» بعد تخلى الجميع عنه فى واشنطن؟، هل «حكومة نتنياهو» تتنفس أنفاسها الأخيرة؟، هل ستنجح عملية التنفس الصناعى التى يُجريها «نتنياهو» لنفسه بعد قراره بإرسال وفد إسرائيل رفيع المستوى إلى واشنطن لمناقشة اقتحام رفح؟ هل ستكون قنبلة «تشاك شومر» هى الضربة القاضية التى ستُسقط «حكومة نتنياهو»؟ وهل وصلنا لمرحلة انهيار آخر طوبة فى جدار «حكومة نتنياهو» المتطرفة؟
بالطبع فإن كل هذه الأسئلة مشروعة وبها رؤية سياسية واقعية لسير الأحداث داخل أمريكا وإسرائيل، والدليل أن نسبة الغضب من حكومة نتنياهو فى الشارع الإسرائيلى زادت واتسعت وبعض وسائل الإعلام الإسرائيلية وصفتها بأنها «أسوأ حكومة فى تاريخ إسرائيل»، وحالة الغضب هذه صرّح بها علانية عدد كبير من القادة العسكريين السابقين ومنهم (إيهود باراك وشاؤول موفاز) وهما توليا من قبل وزارة الدفاع الإسرائيلية ورئاسة الوزراء أيضاً بعد تصريحاتهما بأن «نتنياهو» أصاب المجتمع الإسرائيلى بالتمزق بعد أن أصبحت العائلات فى إسرائيل غير مستقرة نتيجة البطالة والمظاهرات والغضب من كثرة عدد القتلى والمصابين داخل الجيش الإسرائيلى من الجنود والضباط خلال المواجهات فى قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضى.
وإذا كان الشارع الإسرائيلى فى حالة غليان وغضب فإن الشارع الأمريكى أكثر غلياناً وأكثر غضباً، بعد تزايد الهجوم على «حكومة نتنياهو» من قِبل نواب الكونجرس الديمقراطيين من «أنصار بايدن» والجمهوريين من «أنصار ترامب».