وائل نجم
منذ إطلاق معركة طوفان الأقصى في قطاع غزّة في 7 أكتوبر، عادت جبهة جنوب لبنان مع فلسطين المحتلة إلى الواجهة في ضوء المواجهات التي باتت جزءاً من المشهد اليومي الجنوبي، مع فارق أنّ قوى وفصائل أخرى غير حزب الله انخرطت، هذه المرّة، في هذه المواجهات، منها فلسطينية ومنها لبنانية، وفتحت الأبواب على كلّ الاحتمالات، حتى هذه اللحظة التي تشهد فيها المواجهات حالة من المدّ والجزر على إيقاع ما يجري في غزّة، وقد بات معروفاً أيضاً أنّ هذه الجبهة هي جبهة إشغال واستنزاف أكثر مما هي جبهة حرب مفتوحة.
غير أنّ جبهة الإشغال هذه، وإن لم تستجب لرغبات كثيرين، شكّلت حالة ضاغطة على الجيش الإسرائيلي من ناحية وعلى المستوطنات القريبة على الحدود مع لبنان من ناحية ثانية، فالجيش اضطّر لحشد قسم من قواته ومعدّاته عند الحدود وهو يخوض معارك يومية هناك. واضطرّ المستوطنون تحت وابل الصواريخ، التي تستهدف أحياناً محيط المستوطنات، إلى إخلائها، واللجوء إلى الداخل الفلسطيني المحتل. ما شكّل ضغطاً عليهم وعلى الجيش وعلى الحكومة الإسرائيلية أيضاً. ومن هنا، برز الحديث عن المنطقة العازلة في جنوب لبنان، وتحديداً في منطقة جنوب الليطاني، وأشار أخيرا إلى ذلك وزير الجيش الإسرائيلي، وهدّد بأنّ هذه المنطقة يجب أن تُقام بالدبلوماسية أو عن طريق القوّة العسكرية.
وحمل مسألة المنطقة العازلة في جنوب لبنان أيضاً بشكل غير رسمي الموفد الفرنسي الرئاسي إلى بيروت جان إيف لودريان، الذي فاتح بشأنها في زيارته أخيرا المسؤوليين اللبنانيين، في غضون الحرب التي تجري في غزّة، وفي ظلّ المواجهات اليومية التي تجري على جبهة جنوب لبنان، غير أنّ المسؤولين اللبنانيين أكّدوا له أنّ لبنان ملتزم بقرار مجلس الأمن 1701 الصادر في العام 2006، وأنّ المطلوب أن تلتزم به "إسرائيل" وتوقف اعتداءاتها على لبنان، وخرقها شبه اليومي الجوي والبحري لهذا القرار.
خشية من أن تكون "إسرائيل" قد بيّتت نيّة مبكّرة لشنّ عدوان جديد على لبنان، يتيح لها تسجيل إنجاز يسمح لها بالنزول عن رأس الشجرة التي صعدت إليها في حربها على غزّة
ويذكّر الحديث عن المنطقة العازلة الذي برز أخيرا بمحاولات تعديل قرار مجلس الأمن 1701 لناحية منح قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل) مزيداً من الصلاحيات، وقد جرى بعضُها في صيف العام 2022 عندما جرى إدخال تعديلات على القرار أجازت لهذه القوات التحرّك في منطقة عملها من دون أيّ تنسيق مسبق مع الجيش اللبناني، بخلاف النصّ الرسمي الأصلي لهذا القرار، كما جرت محاولات إدخال تعديلات أخرى في صيف 2023 عند انتهاء ولاية "يونيفيل"، غير أنّ الظروف الميدانية هذا العام لم تسمح بما كان مطروحاً، ليظلّ الأمر معلقاً عند التعديل الذي حصل في العام 2022، علماً أنّ قوات الأمم المتحدة لم تمارس بعد هذه الصلاحية على الرغم من حصولها عليها.
يجري الحديث اليوم عن المنطقة العازلة التي تقضي بإخراج مقاتلي حزب الله من منطقة جنوب الليطاني وإبعادهم إلى شمال النهر في الأروقة الدولية، فيما يهدّد وزير الجيش الإسرائيلي بأنّ ذلك يجب أن يحصل عن طريق الدبلوماسية أو عن طريق القوّة العسكرية. بمعنى آخر، أعطت "إسرائيل" رُعاتها الدوليين، أو منحتهم، وقتاً معيّناً لإقامة هذه المنطقة العازلة، وإلاّ فإنّها ستلجأ إلى خيار الحرب من أجل إقامتها تماماً كما عملت في غزّة، حيث لجأت إلى القوّة العسكرية المفرطة بهدف القضاء على المقاومة الفلسطينية هناك. وربما تدرك "إسرائيل" أنّ الدبلوماسية الغربية غير قادرة على إنجاز هذا المطلب لها لاعتباراتٍ كثيرةٍ وعديدة، خصوصا أنّ الجيش الإسرائيلي لم يحقّق بعد أي إنجاز عسكري في غزّة، فلماذا ترضخ المقاومة اللبنانية لشروط إسرائيلية، وتقبل إقامة هذه المنطقة العازلة طوعاً، ما دامت "إسرائيل" عاجزة عن حسم معركة غزّة عسكرياً؟! ومن هنا تتولّد خشية من أن تكون "إسرائيل" قد بيّتت نيّة مبكّرة لشنّ عدوانٍ جديدٍ على لبنان، يتيح لها تسجيل إنجاز يسمح لها بالنزول عن رأس الشجرة التي صعدت إليها في حربها على غزّة. إطلاق معركة طوفان الأقصى في قطاع غزّة في 7 أكتوبر، عادت جبهة جنوب لبنان مع فلسطين المحتلة إلى الواجهة في ضوء المواجهات التي باتت جزءاً من المشهد اليومي الجنوبي، مع فارق أنّ قوى وفصائل أخرى غير حزب الله انخرطت، هذه المرّة، في هذه المواجهات، منها فلسطينية ومنها لبنانية، وفتحت الأبواب على كلّ الاحتمالات، حتى هذه اللحظة التي تشهد فيها المواجهات حالة من المدّ والجزر على إيقاع ما يجري في غزّة، وقد بات معروفاً أيضاً أنّ هذه الجبهة هي جبهة إشغال واستنزاف أكثر مما هي جبهة حرب مفتوحة. غير أنّ جبهة الإشغال هذه، وإن لم تستجب لرغبات كثيرين، شكّلت حالة ضاغطة على الجيش الإسرائيلي من ناحية وعلى المستوطنات القريبة على الحدود مع لبنان من ناحية ثانية، فالجيش اضطّر لحشد قسم من قواته ومعدّاته عند الحدود وهو يخوض معارك يومية هناك. واضطرّ المستوطنون تحت وابل الصواريخ، التي تستهدف أحياناً محيط المستوطنات، إلى إخلائها، واللجوء إلى الداخل الفلسطيني المحتل. ما شكّل ضغطاً عليهم وعلى الجيش وعلى الحكومة الإسرائيلية أيضاً. ومن هنا، برز الحديث عن المنطقة العازلة في جنوب لبنان، وتحديداً في منطقة جنوب الليطاني، وأشار أخيرا إلى ذلك وزير الجيش الإسرائيلي، وهدّد بأنّ هذه المنطقة يجب أن تُقام بالدبلوماسية أو عن طريق القوّة العسكرية. وحمل مسألة المنطقة العازلة في جنوب لبنان أيضاً بشكل غير رسمي الموفد الفرنسي الرئاسي إلى بيروت جان إيف لودريان، الذي فاتح بشأنها في زيارته أخيرا المسؤوليين اللبنانيين، في غضون الحرب التي تجري في غزّة، وفي ظلّ المواجهات اليومية التي تجري على جبهة جنوب لبنان، غير أنّ المسؤولين اللبنانيين أكّدوا له أنّ لبنان ملتزم بقرار مجلس الأمن 1701 الصادر في العام 2006، وأنّ المطلوب أن تلتزم به "إسرائيل" وتوقف اعتداءاتها على لبنان، وخرقها شبه اليومي الجوي والبحري لهذا القرار. خشية من أن تكون "إسرائيل" قد بيّتت نيّة مبكّرة لشنّ عدوان جديد على لبنان، يتيح لها تسجيل إنجاز يسمح لها بالنزول عن رأس الشجرة التي صعدت إليها في حربها على غزّة ويذكّر الحديث عن المنطقة العازلة الذي برز أخيرا بمحاولات تعديل قرار مجلس الأمن 1701 لناحية منح قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل) مزيداً من الصلاحيات، وقد جرى بعضُها في صيف العام 2022 عندما جرى إدخال تعديلات على القرار أجازت لهذه القوات التحرّك في منطقة عملها من دون أيّ تنسيق مسبق مع الجيش اللبناني، بخلاف النصّ الرسمي الأصلي لهذا القرار، كما جرت محاولات إدخال تعديلات أخرى في صيف 2023 عند انتهاء ولاية "يونيفيل"، غير أنّ الظروف الميدانية هذا العام لم تسمح بما كان مطروحاً، ليظلّ الأمر معلقاً عند التعديل الذي حصل في العام 2022، علماً أنّ قوات الأمم المتحدة لم تمارس بعد هذه الصلاحية على الرغم من حصولها عليها. يجري الحديث اليوم عن المنطقة العازلة التي تقضي بإخراج مقاتلي حزب الله من منطقة جنوب الليطاني وإبعادهم إلى شمال النهر في الأروقة الدولية، فيما يهدّد وزير الجيش الإسرائيلي بأنّ ذلك يجب أن يحصل عن طريق الدبلوماسية أو عن طريق القوّة العسكرية. بمعنى آخر، أعطت "إسرائيل" رُعاتها الدوليين، أو منحتهم، وقتاً معيّناً لإقامة هذه المنطقة العازلة، وإلاّ فإنّها ستلجأ إلى خيار الحرب من أجل إقامتها تماماً كما عملت في غزّة، حيث لجأت إلى القوّة العسكرية المفرطة بهدف القضاء على المقاومة الفلسطينية هناك. وربما تدرك "إسرائيل" أنّ الدبلوماسية الغربية غير قادرة على إنجاز هذا المطلب لها لاعتباراتٍ كثيرةٍ وعديدة، خصوصا أنّ الجيش الإسرائيلي لم يحقّق بعد أي إنجاز عسكري في غزّة، فلماذا ترضخ المقاومة اللبنانية لشروط إسرائيلية، وتقبل إقامة هذه المنطقة العازلة طوعاً، ما دامت "إسرائيل" عاجزة عن حسم معركة غزّة عسكرياً؟! ومن هنا تتولّد خشية من أن تكون "إسرائيل" قد بيّتت نيّة مبكّرة لشنّ عدوانٍ جديدٍ على لبنان، يتيح لها تسجيل إنجاز يسمح لها بالنزول عن رأس الشجرة التي صعدت إليها في حربها على غزّة.