على قارعة الطريق، وتحت أشعة الشمس الحارقة، ودون مراعاة لطرق السلامة الغذائية للبضائع المعروضة، المؤلفة من الحليب و المعكرونة وغيرها، يعرض بعض تجار سوق “اكلينك” و”سوق مسجد المغرب”، وفي ملتقيات الطرق في نواكشوط، موادا غذائية للبيع، شارف تاريخ صلاحيتها على الانتهاء.
وقد انتشرت هذه البضائع بشكل واسع لتصبح نمطا معروفا وعرفا لدى بعض كبار التجار، ومصدر رزق لدى آخرين، لمنع كساد بضاعة لم يتبق لها إلا ساعات قليلة قبل انتهاء صلاحيتها، وضحيتها في جميع الأحوال هو المستهلك.
هذه المواد كسدت في مخازن المستوردين، فقرروا بيعها بخسارة جزئية، دون مراعاة لقرب انتهاء الصلاحية أو الطريقة التي ستعرض بها.
وبين جشع تجار الجملة، وطمع الموزعين، وقلة ذات يد المستهلكين، تقفز إلى الذهن أسئلة عن المضار والمخاطر المترتبة على استهلاك مثل هذه المواد.
قادتنا رحلة البحث عن هذه الأنواع من التجارة إلى أماكن عرض وبيع هذه البضائع، لنرى حجم التهاون في طريقة عرض هذه المواد التي تباع لأسر فقيرة ستضاعف من معاناتها لاحقا، فقد تتسبب لها في أمراض خطيرة.
ويبدو أن السر في توجه بعض المستهلكين لشراء هذه المواد هو انخفاض ثمنها مقارنة بالأسعار المعتادة، فهي بنصف سعرها العادي في السوق، حيث يبيعون علب الحليب المجفف التي ينتهي تاريخ صلاحيتها بعد أيام بسعر 150 أوقية قديمة، فيما يبيعون المشروبات الغازية بسعر 100 أوقية قديمة، أما عن أنواع البسكويت فشعارهم “لن نختلف”، إضافة لأنواع أخرى من علب الشاي بأحجام مختلفة.
وأكد صاحب محل، رفض الكشف عن هويته، لمندوب الوكالة الموريتانية للأنباء، أن لديهم الحق في بيع هذه المواد، رغم قرب المدة المتبقية لصلاحيتها، معتبرا أنها ليست منتهية الصلاحية.
ويضع هذا التاجر تجارته المؤلفة من الألبان والمواد الغذائية التي أشرفت مدة صلاحيتها على الانتهاء، على الرصيف وتحت أشعة الشمس، وقال “هذه البضاعة مصدر رزق لي”، دون التفكير في الأضرار المترتبة على استهلاكها.
ولفت إلى أن هذه البضاعة تعد فرصة لمحدودي الدخل كونها بنصف الثمن أو أقل، مشيرا إلى أن الكثير ممن يشترون هذه المواد يعلمون أن فترة صلاحيتها شارفت على الانتهاء.
من جانب آخر، قال الأمين العام لمنتدى حماية المستهلك الموريتاني، السيد أحمد الناهي، أن هذه التجارة منتشرة بشكل واسع في موريتانيا، مشيرا إلى أن استخدم هذه المواد لا يترتب عليه ضرر صحي على المستهلك إذا كانت ظروف تخزينها ملائم.
وقال إن الجهات التي تبيع هذه المواد الغذائية يجب أن تكون لديها تراخيص تتحمل من خلالها جميع العواقب، مبينا أن بعض المواد الغذائية تحتاج أماكن للتبريد والحفظ تراعي النظم المعمول بها.
من جهة أخرى بينت الخبيرة في مجال التغذية، السيدة عربية سيدي، أن هذه المواد الغذائية تسبب مضاعفات خطيرة حسب طول فترة انتهاء الصلاحية.
وبينت أن سوء حفظ المواد ينتج عنه تغير كبير في التركيبة الغذائية للمادة، مشيرة إلى أن المواد الحافظة مع التفاعل الحراري والكيميائي والظروف غير الجيدة تنتج مواد ضارة.
ومن جهته، قال الفقيه السيد حامد المصطف عمار الولي، شيخ محظرة في سيلبابي، إن “كل ما يضر لا يجوز بيعه”، مستطردا قول الشيخ خليل في باب البيع: وشروط المعقود عليه طهارة وانتفاع.
وأشار إلى أن المواد التي لم تنته صلاحيتها يجوز بيعها لمن سيستعملها قبل تاريخ الانتهاء.
وأضاف أن بيعها يجوز لمن لا يغش بها، أو لمن سيستفيد بها بأمور أخرى، كتصنيع العلف وغيره.
تقرير: محمد يحظيه محمد المختار