من محاربة «الإرهاب» لتنظيم المرور.. نهاية 12 عامًا لرحلة أمن الطرق

sd

صادقت الحكومة الموريتانية على مشروع لدمج التجمع العام لأمن الطرق في قطاع الشرطة، جاء لينهي نحو 13 عامًا من الخدمة، أصبح خلالها القطاع الأكثر احتكاكًا بالمواطنين، والأكثر إثارة للجدل بسبب ذلك.

يعود تأسيس الجهاز إلى مطلع عام 2011، حين كانت موريتانيا تواجه تحديات أمنية كبيرة، ومواجهة مباشرة مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، اختطف خلالها مسلحون أجانب ثلاثة عمال إغاثة إسبان في نوفمبر 2009 على الطريق الرابط بين نواكشوط ونواذيبو.

السلطات أعلنت آنذاك أن تشكيل التجمع العام لأمن الطرق كان هدفه الأبرز محاربة «الإرهاب»، حتى أن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، نهاية عام 2010، قبل أشهر من تأسيس التجمع، قال إن الهدف منه « تخفيف الضغط عن أجهزة الشرطة والدرك ».


ولكن الموريتانيين آنذاك كانوا يعتقدون أن ولد عبد العزيز كان يخفي رغبته في تقليص حضور الشرطة وأهميتها.

بعد أعوام قليلة أثار القطاع الوليد جدلا واسعا في البرلمان، وانتقدته المعارضة بشدة، معتبرة أنه تأسس من أجل مواجهة «الإرهاب»، لكنه في الواقع ليس إلا وجها من أوجه الشرطة ويتقاطع معها نفس الخدمات.

مزاحمة الشرطة

كان التجمع العام لأمن الطرق يتبع لوزارة الداخلية، وأسندت قيادته لعدد من أبرز العسكريين وأعلاهم رتبًا، وظل محوريا في الاستراتيجية الأمنية للبلد.

أسندت إلى (أمن الطرق) مهام منها المراقبة الحضرية للسيارات وحمولتها ووثائقها، ومراقبة كل المحاور الموجودة على التراب الوطني ومراقبة النظم الخاصة بأمن الطرق.

وشملت أيضًا هذه المهام معاينة وردع المخالفات المتعلقة بالأمن الطرقي، وتسيير وتحسين أمن وانسيابية المرور، ومراقبة المسافرين وتحديد هوياتهم.

كان من الواضح أن الجهاز يزاحم قطاع الشرطة في أدوارها المعهودة، حتى تقلص حضور الشرطة ودورها.


محاولات الإصلاح المتكرر

بعد ثلاثة أعوام من تشكيل (أمن الطرق)، وبالتحديد في أكتوبر من عام 2014 أعلنت السلطات خطة أمنية جديدة، أعادت بها الثقة للشرطة، من خلال استعادة توليها لعمليات التفتيش وحفظ الأمن في الشوارع.

هذه الخطة الجديدة قالت وقتها بعض المصادر إنها جاءت بعد مشاكلَ داخل جهاز التجمع العام لأمن الطرق.

وقضت الخطة بتقليص نفوذ جهاز التجمع العام لأمن الطرق ليقتصر على تأمين الطرق في ولاية نواكشوط الغربية (تفرغ زينه، لكصر، السبخة).

لكن الخطة الجديدة وإن قلصت نفوذ أمن الطرق في نواكشوط، إلا أنها زادت من حجم تدخلها في الولايات الداخلية، وهناك تعرض الجهاز للكثير من المشاكل مع المواطنين أثارت الجدل خصوصا في نواذيبو.

رغم أن شخصيات عسكرية بارزة تولت قيادة أمن الطرق، إلا أنه ظل مرتبطًا في أذهان الموريتانيين بالفريق مسقارو ولد اغويزي، الذي أسسه وأشرف على بداياته الأولى، وحين قررت السلطات دمجه في الشرطة، سيكون الفريق مسقارو ولد اغويزي هو من سيستقبله، بصفته المدير العام للأمن الوطني، ليكون شاهدًا على البداية والنهاية.

أجرت السلطات الكثير من الإصلاحات على الجهاز وغيرت من شكله كذلك، لكنه ظل ذلك الطارئ الذي لم يألفه المواطن، ولم ينسجم معه.

نهاية الرحلة

الحكومة على لسان وزير الداخلية محمد أحمد ولد محمد الأمين، قالت إن وجود أمن خاص بالطرق في موريتانيا منذ 2010 هو استثناء، وأنهم بعد الدمج عادوا للقاعدة، لأن الوضعية السابقة تؤدي لتداخل المهام.

وأكد أن رتب وامتيازات المنضوين تحت لواء (أمن الطرق) سابقا مضمونة، مشيرا لوجود لجنة يرأسها الأمين العام لوزارة الداخلية ستسهر على المسلسل الانتقالي بجوانبه المالية واللوجستية لدمجها وتكيفها مع الإدارة العامة للأمن.

وطمأن الموردين والدائنين لقطاع أمن الطرق على حقوقهم، مؤكدا أنها مضمونة لدى الإدارة العامة للأمن الوطني.

وقال إن الأفراد القادمين لقطاع أمن الطرق من قطاعات الدرك والحرس سيعودون لقطاعاتهم السابقة، وسيتم دمج أفراد (أمن الطرق) فقط مع الشرطة.